القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المقالات [LastPost]

وجوب حفظ اللسان في ضوء شريعتنا الإسلامية

وجوب حفظ اللسان في ضوء شريعتنا الإسلامية

وجوب حفظ اللسان في ضوء شريعتنا الإسلامية


قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "اعلم أنه ينبغى لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاما تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام، أو مكروه بل هذا كثير أو غالب في العادة، والسلامة لا يعدلها شىء".



وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

قال الشاعر:


احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان

وقال آخر:


يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته بلسانه تذهب رأسه وعثرته برجله تبرأ على مهل

فينبغي للإنسان المسلم أن لا يخرج لفظة ضائعة، فعليه أن يحفظ ألفاظه بأن لا يتكلم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه، فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح وفائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل يفوت بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيعها بهذه، وإذا أردت أن تستدل على ما في القلب فاستدل عليه بحركة اللسان، فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبه أم أبى. قال يحيى بن معاذ: (القلوب كالقدور تغلى بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض وعذب وأجاج، وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه) أي كما تطعم بلسانك طعم ما في القدور من الطعام فتدرك العلم بحقيقة ذلك، كذلك تطعم ما في قلب الرجل من لسانه فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القدر بلسانك.

إقرأ أيضاً افضل التطبيقات الأذكار الإسلامية للاندرويد 2021

التحرز من حركة لسانه



ومن العجب: أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحرز من حركة لسانه حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين، والزهد، والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلق لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفرى في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالى .... وإذا أردت أن تعرف ذلك فانظر إلى ما رواه مسلم من حديث جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجل والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى على أن لا أغفر لفلان فإنى قد غفرت لفلان وأحبطت عملك"
فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.

إقرأ أيضاً افضل تطبيقات لقراءة وتفسير القرآن

السلف الصالح



وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله: "يوم حار ويوم بارد".

ولقد رؤى بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسئل عن حاله فقال: أنا موقوف على كلمة قلتها: ما أحوج الناس إلى غيث. فقيل لي: وما يدريك، أنا أعلم بمصلحة عبادى.

وقال بعض الصحابة لجاريته يوما: هاتى السفرة نعبث بها ثم قال: أستغفر الله ما أتكلم بكلمة إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا هذه الكلمة خرجت منى بغير خطام ولا زمام، أو كما قال.

وقال ابن بريدة: رأيت ابن عباس رضى الله عنهما آخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. فقيل له: يا ابن عباس لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شىء من جسده أشد حنقا وغيظا يوم القيامة منه على لسانه، إلا من قال خيرا أو أملى خيرا.

وكان ابن مسعود رضى الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شىء أحوج إلى طول سجن من لساني.

وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أحدا لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطق رجل قط إلا عرفت ذلك في سائر عمله.

واعلم أن أيسر حركات الجوارح حركة اللسان، وهي أضرها على العبد.

واختلف السلف والخلف هل يكتب جميع ما يلفظ به أو الخير والشر فقط؟ على قولين: أظهرهما القول الأول.

إقرأ أيضاً افضل القنوات الدينية على اليوتيوب

خلاصة القول



واعلم أن في اللسان آفتان عظيمتاان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت، وقد يكون كل منهما أعظم إثما من الأخرى في وقتها؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله ومراء مداهن إذا لم يخف على نفسه.

والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته. فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط - وهم أهل الصراط المستقيم - كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلا أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به.

ولهذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عظنى وأوجز. فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدا، واجمع اليأس مما في أيدي الناس".
فهذه الوصايا الثلاث يا لها من وصايا إذا أخذ بها العبد تمت اموره وأفلح.

ولهذا قال عقبة بن عامر رضي الله عنه يا رسول الله ما النجاة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك".

إقرأ أيضاً افضل تطبيقات إسلامية للأندرويد
reaction:

تعليقات